ما أجملها حين تجلس على سطح برج رفيع وتتأمل بهاء جمالها الذي ينعكس أضواء الشوارع والسيارات تظلها سحابة السماء وقوقها النجوم يتوسطه القمر ليرسم ذلك منظر بديع يوقعك عشقا لهذه المدينة وجمالها الساحر!
لكن سرعان ما يختفي هذا المنظر حين تنزل وتطأ قدميك في الشارع ليتحول المنظر الرائع إلى كابوس يخفيك في كل شىء من الجندي الذي يفتش السيارات أو حراس المسؤول الحكومي الذي يمر الشارع بخوف وترقب أو ذلك العدو الذي يتربص لينفذ جريمته الدامية التي لا تفرق بين رجل دولة وبائع بسيط على رصيف الشارع حيث الكل هدف ومحكوم عليه بالاعدام سلفاً.

أجلس هذه اللحظة ويترآى لي عن بعد أمتار ذلك الفندق الذي يحمل اسم (الحياة) والذي استهدفه أعداء الحياة قبل أسابيع ليقطعوا شرايين الحياة عن كل من فيها،

وبعده شارع الموت “زوبى” فيه تختصر قصص المأساة ومعانة الفقد، جثث محروقة واشلاء ممزقة، كانت قبل خمسة أعوام عندما حانت لحظة الفزع في ذلك الشارع، أسوء هجوم دموي في تاريخ الصومال أو المنطقة كلها، مئات الأورح البرئية زهقت، وخسائر مادية فادحة قدرت بملاييين الدولارات ،كل ذلك في لحظة واحدة !

ظننت بعد هذ الحدث الدامي أنه سيحدث انفجارا شعبيا يقضي على تلك الشرذمة لكن خاب هذا الظن ولم تمر ساعات إلا وبدأت حملات التنظيف وإزاحة الركام من قبل شباب متطوعين لتعقب ذلك عجلة البناء وإعادة ترميم تلك المباني التي تهدمت لنقول نحن صامدون! تالله ما هذا معنى الصمود إنما هو إذعان وخضوع بل موت الانسانية في الإنسان!

كان هذا في أكتوبر الحزن والذي خلف ورآءه ذاكرة أليمة وجرح لا يندمل ، قصص تشيب لها الولدان، لكنها مرت دون رد فعل يردع الجاني ويخفيه أن يرتكبها ثانية لكن حالة الخضوع التام التي تسود الناس تعطيه نفسا جديدا ليرتوي من عطشه بسفك دماء الأبرياء العزل يفعل هذا متى شاء وكيف شاء بل يختار التوقيت المناسب والمكان حيث الزحمة والشوارع
النابضة بالحياة !

قبل أيام كان الناس يتذكرون بذكريات هذه الفاحعة كل على طريقته الخاصة لكن ثمة من كان يجهز إحتفالا من نوع آخر ليثبت مدى وحشيته، وشقاوته!

جاء أكتوير هذا العام ومعه الأحزان والأتراح ليتكرر السيناريو في الشارع نفسه وفي الحجم والكارثة نفسها، لا أحد يسطيع أن يسرد قصص المعاناة من مكان الحادث وكأن القيامة قامت والناس سكارى وماهم بسكارى ، صرخات الامهات التي يبحثن عن ذويهم وأقاربهم تعلو والمستشفيات تمتلىء بالجثث المحروقة والناس تعج وتتزاحم ليتأكدوا من بينهم من يفتقدونه! وأنى لهم أن يتعرفوا جثة تحرقت لا تكاد تجزم هل هو ذكر أم أنثى!! يا ألله

ماذا بعد ياترى لا شى سوى تصريحات معتادة تقديم تعازي تنظيف الشارع وما هي إلا ساعات وعادت الحياة الكاذبة وننتظر معا الكرة الثالثة هناك.

شارفت الأزمة الصومالية أربعون عاما من التيه والضياع فهل سنجد مخرحا بعد الأربعين مثل بنوا إسرئيل ؟! ذلك أمل أمة مغلوبه على أمرهاتنتطر عدالة السماء وسيأتي نصر الله ولو بعد حين فيا أيها المستبشرون بقتلهم اظلت عليكم غمة لا تنكشف!

(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)

✍️سليمان آدم محمد

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.