قال مركز “سترافور” الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية (الذي يوصف بالمقرب من المخابرات الأمريكية) إن من غير المرجح أن تؤدي استعادة الحكومة الإثيوبية للسيطرة على المدن الرئيسية إلى وضع نهاية قريبة للحرب الأهلية المستمرة منذ نحو عام، حيث لا يزال طرفا الصراع غير مستعدين للتفاوض.
 
وأعلنت الحكومة الإثيوبية في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري أنها استعادت “ديسي” و”كومبولتشا” بعد شهر من استيلاء “جبهة تحرير شعب تيغراي” على المدينتين الاستراتيجيتين الواقعتين على طول الطريق السريع “إيه 2” الذي يربط منطقة تيغراي الشمالية بأديس أبابا.
 
وبحسب المركز، اعتبر رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” أن المكاسب الأخيرة دليل على أن قوات الدفاع الوطني الإثيوبية انتصرت في الحرب ضد قوات تيغراي والتي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
 
وبينما أكد المتحدث باسم جبهة تحرير تيغراي “جيتاتشو رضا” أن الجماعة المتمردة غادرت ديسي وكومبولتشا، فقد أشار أيضا إلى أن الانسحاب كان جزءًا من خطة لـ”جبهة تحرير تيغراي”.
 
ويقول “سترافور” إنه يجب التعامل مع البيانات الصادرة عن كلا الجانبين بنوع من التشكيك، حيث أن التعتيم الإعلامي المستمر في إثيوبيا جعل من الصعب للغاية على الصحافيين الإبلاغ عما يحدث على أرض الواقع.
 
لكن انسحاب “جبهة تحرير شعب تيغراي” من ديسي وكومبولتشا بعد فترة وجيزة من الاستيلاء عليهما يشير إلى أن الجماعة المتمردة ربما تكون قد شعرت بأن خطوط الإمداد الخاصة أصبحت مهددة بعد التوغل أكثر في أمهرة.
 
وأمام الحماس المتجدد لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية وسط مخاوف من أن المتمردين كانوا يخططون لشن هجوم على أديس أبابا، ربما لم يكن أمام قوات تيغراي خيار سوى التخلي عن المدن الاستراتيجية.
 
ومع استمرار الصراع، فإن الموقع الرئيسي التالي الذي يجب مراقبته هو “ولدايا” التي تحتلها “جبهة تحرير شعب تيغراي”.
 
وستحد خسارة قوات تيغراي لديسي وكومبولتشا بشدة من قدرتها على غزو أديس أبابا، حيث تقع المدينتان على طول الطريق السريع الذي يربط العاصمة الإقليمية لتيغراي بالعاصمة الفيدرالية الإثيوبية، بحسب المركز.
 
لكن “جبهة تحرير شعب تيغراي” لا تزال تسيطر على مدينة ولدايا، وهي بلدة أخرى ذات أهمية استراتيجية على طول الطريق السريع “إيه 2”.
 
وإذا خسرت “جبهة تحرير شعب تيغراي” ولدايا أيضا، التي تقع على بعد نحو 119 كيلومترا شمال ديسي، سيضعف ذلك بشكل كبير موقع قوات تيغراي في ساحة المعركة.
 
وإذا كانت القوات الوطنية الإثيوبية قادرة أيضا على استعادة هذه البلدة، فيمكن أن تفكر “جبهة تحرير شعب تيغراي” في إجراء مفاوضات مع حكومة “آبي أحمد”.
 
وبحسب “سترافور”، فإنه في ظل الوضع الحالي، تظل المواجهة المطولة هي النتيجة الأكثر ترجيحا للصراع، مع بقاء الجزء الأكبر من القتال في الشمال.
 
وما لم تتمكن قوات “تيغراي” من إعادة تجميع صفوفها واستعادة ديسي وكومبولتشا، فمن المرجح أن يظل القتال بينها وبين القوات الحكومية مقصورا على منطقتي أمهرة وتيغراي الشمالية.
 
وفي حين أن هذا يزيد من نفوذ الحكومة الإثيوبية في محادثات السلام المحتملة، فمن غير المرجح أن يؤدي استمرار القتال في الشمال إلى خسائر من شأنها أن تجلب “جبهة تحرير شعب تيغراي” إلى طاولة المفاوضات في المستقبل القريب.
 
وتواجه “جبهة تحرير شعب تيغراي” مقاومة أقل من السكان في شمال البلاد، كما أن مشاكل سلسلة الإمداد ستكون أقل خطورة بالقرب من منطقة تيغراي.
 
ويعني هذا أن مقاومة قوات الدفاع الوطنية الإثيوبية ستكون أكثر صرامة كلما اتجهت المعركة شمالا.

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.