تشهد العمليات الإنسانية في الصومال تقليصًا كبيرًا في أنشطتها المنقذة للحياة، نتيجة التراجع الحاد في التمويل الدولي، في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية لملايين السكان الذين يواجهون بالفعل ظروفًا معيشية قاسية.
وأعلنت مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA)، يوم الإثنين، أن خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية للصومال لعام 2025 تعرضت لخفض حاد بنسبة 74%، حيث تقلصت الميزانية من 1.4 مليار دولار إلى 367 مليون دولار فقط. ونتيجة لذلك، ستضطر الوكالات الإنسانية إلى تقليص عدد المستفيدين من مساعداتها من 4.6 مليون شخص إلى 1.3 مليون فقط.
ويأتي هذا الانخفاض في التمويل بعد أن أوقف عدد من كبار المانحين، من بينهم الولايات المتحدة، جزءًا من ميزانياتهم المخصصة للمساعدات الخارجية. وقد طالت التخفيضات برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، مما أدى إلى آثار مباشرة على المجتمعات في دول الجنوب العالمي، وعلى رأسها الصومال.
وأوضحت OCHA أن التمويل المتوفر حتى 30 أبريل لا يغطي سوى 11% فقط من الخطة المقررة، مشيرة إلى أن أي زيادة في التمويل ستساهم في توسيع نطاق التغطية والوصول إلى عدد أكبر من المحتاجين.
وفي محاولة للتكيف مع الأزمة، أعادت الوكالات الإنسانية هيكلة أولوياتها، وأطلقت نظام تنسيق لا مركزي جديد لتحسين إيصال المساعدات إلى المناطق ذات الاحتياجات القصوى. ومع ذلك، بدأت تداعيات الأزمة في الظهور بشكل جلي، حيث تم إغلاق العديد من المرافق الصحية، وتقلصت المساعدات الغذائية، كما شهدت خدمات المياه والصرف الصحي تدهورًا سريعًا.
وقالت المنظمة في تقريرها: “نتيجة لتقليص الخدمات المنقذة للحياة، يُتوقع أن يواجه أكثر من مليوني شخص في الصومال زيادة في مستويات الضعف خلال هذا العام”. وأضافت أن إعادة ترتيب الأولويات لا تعني انخفاضًا في حجم الاحتياجات الإنسانية، مؤكدة أن جميع الاحتياجات المحددة في خطة 2025 لا تزال قائمة وملحة.
ويواجه الصومال تحديات مركبة تشمل الجفاف المتواصل، والنزاع المسلح، وضعف مؤسسات الدولة، والنزوح الداخلي، فضلاً عن الصدمات المناخية المتكررة، ما يفاقم معاناة المجتمعات الهشة.
وحذّر عمال الإغاثة من أن الانخفاض الكبير في التمويل قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود، والنازحين داخليًا، والفئات المهمشة، ما لم يتم استعادة الدعم الدولي بشكل عاجل.
تعليقات الفيسبوك