عانت الصومال والصوماليون في العقدين الأخيرين من مشاكل سياسية معقدة، تبعتها أزمات اقتصادية، سببها الرئيسي عدم الاستقرار السياسي الداخلي للبلد، وتدخلات خارجية إقليمية ودولية ذات أطماع نفوذ، أثرت سلبا على الساحة الصومالية.

ومما زاد الطين بلة إقرار مبدأ الفيدرالية في الجمهورية الصومالية، وتوزيع البلد إلى دويلات صغيرة، تتصارع فيما بينها أحيانا، وتتخاصم مع الحكومة المركزية أحيانا أخرى.

يعقد رؤساء الأقاليم بين الفينة والأخرى اجتماعات خاصة لأقاليمهم، تخلص غالبا إلى قرارات مناهضة للحكومة المركزية، ففي 3 سبتمبر أيلول 2018 عقد رؤساء الأقاليم الخمسة بمؤتمر تشاوري في كسمايو حاضرة اقليم جوبا لاند، وتم الاعلان تجميد العلاقات وأشكال التعاون مع الحكومة الفدرالية.

ورغم أن أبرز المشاكل السياسية الصومالية راجعة إلى تداخل السلطات بين رموز الحكومة، من رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، فإن التنافس على القرارات السيادية للدولة في الشؤون الخارجية، ظهر جليا بعد تكوين هذه الأقاليم، فقد اشتدت حدة التوتر بين السلطات المركزية في مقديشو ورؤساء الأقاليم الخمسة في الموقف المتخذ من بعد الأزمات الاقليمية، والداخلية، بما فيها المعونات الخارجية للدولة الصومالية وطرق إدارتها.

تبدو أغلب الخلافات البينية بين الطرفين مجرد لعبة استعراض العضلات، واصطناع الخلافات من أجل إثبات الذات، وليست الخلافات كهذه محصورة بين المركز والأطراف فحسب، بل هناك خلافات حادة بين ممثلي الأقاليم نفسها، فهناك تنازع في السلطة واكتساب الشرعية في تمثيل الاقليم سياسيا، وتحديد علاقته بالحكومة المركزية، كما لا تخلوا الساحة من أياد خارجية راغبة في فرض هيمنتها ونفوذها على الساحة الصومالية، مما سيؤدي حتما إلى إضعاف الحكومة الصومالية، داخليا وخارجيا.

كثيرا ما يراهن بعض ممثلي الأقاليم الصومالية على قوى خارجية، يستقوون بها عند الخلاف مع الحكومة الصومالية، وكثيرا ما نسمع مقولة” ندعو المجتمع الدولي …” من بعض ممثلي سياسة الأقاليم الصومالية الخمسة، وكل هذا دليل واضح بأن الصومال ليست مهيأة بتطبيق اللامركزية في الحكم في الوقت الحالي على الأقل، لأن الساسة الصومالية والخلفية التاريخية للدولة الصومالية لم تعهد بها، كما تشكل خطرا على الوحدة الوطنية والتماسك المجتمعي، واتحاد القرارات السياسية للحكومة الصومالية، ناهيك عن إضعافها لأداء الحكومة الصومالية لواجباتها الدستورية المنوطة بها، وإشغالها بخلافات جانبية وتجاذبات غير ضرورية.

كما يساهم انعدام حكم القانون، واحترام سيادة الدستور، -في أغلب مناطق الصومال- في تعقيد الوضع السياسي غير الناضج.

وفي المحصلة يبدوا تطبيق نظام الفدرالية في الصومال أمرا جلب الكثير من الخلافات السياسية، لبلد أنهكته النزاعات المسلحة، والخلافات السياسية بين القوى والمليشيات المتصدرة على الساحة السياسية الصومالية، مما قد يؤدي إلى تفكك الدولة الصومالية إلى دويلات متعادية ومتحاربة فيما بينها.

بقلم/ حسين آدم

طالب صومالي في معهد الدوحة للدراسات العليا- تخصص الإدارة العامة.

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.