الكاتب : حسن بن حمزة
سفير دولة قطر لدى الصومال
بعد مضي ما يقرب العام على الأزمة الخليجية التي افتعلتها دول الحصار عامداً متعمداً في الخامس من يونيو 2017م، وإختراقها موقع وكالة الأنباء القطرية، وبث تصريحات مفبركة منسوبة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني- أمير البلاد وقطع هذه الدول العلاقات مع الدوحة بدعوى “دعمها للإرهاب”؛ تلاحقت المواقف والتطورات بشأن الأزمة، ففي غضون الحصار سجلت دولة قطر إنجازات عديدة في هذه الأزمة و هي تتصدى لهذا الحصار الجائر و”حملة افتراءات وأكاذيب” أفرزت بدورها نتائج جعلت مسيرة هذه الأزمة ونتائجها أكثر وضوحاً للعالم، ولا تزال نهايتها تتكشف شيئاً فشيئاً بعد أن ظهرت حقائق ومعلومات تؤكد أن دول الحصار على وشك الانهيار الاقتصادي والمالي ومعاناة أكثر من العزلة الدولية، يقدر البعض منذ البداية أن عمر هذه الأزمة لن يطول أكثر من (18) شهراً، وحتى الآن فإن نتائجها وتطوراتها تؤكد بأن هذا التخمين دقيق للغاية، بعد أن بدأت ارتداداتها العكسية تضرب أولاً بالنظام المالي لدول الحصار وتزيد من عزلتها وباتت علامات الإستياء الدولي تتزايد من سلوكيات دول الحصار.
بعد نحو عام من عمر الأزمة، خسرت دول الحصار مليارات الدولارات و فقدان التبادل التجاري مع دولة قطر، وانخفاض مصدر الدخل القومي، إضافة إلى هروب رؤوس الأموال والاستثمارات، كما إهدرت دول الحصار المليارات لدعم مواقفها ومحاولة شراء مواقف بعض الدول الأوروبية والعربية والإفريقية، وغيرها من الاستنزافات التي غامرت بها دول الحصار بسبب مكابرتها وعنادها الذي يمر عبر طرق وأنفاق عدة ما بين سرية وعلانية.
أن الرأي العام العربي والعالمي قد تغير كثيراً تجاه الأزمة الخليجية، وبات مدركاً لحجم التخريب والخسائر التي منيت بها شعوب المنطقة بفعل سياسات دول الحصار، فمعظم الشعوب العربية وحتى العالمية تطالب حالياً بالخلاص من الأزمة الخليجية بأي طريقة، لأن استمرار دول الحصار يعني مزيداً من تدهور الأوضاع وعدم والاستقرار في المنطقة، وعائق أمام عملية مكافحة الإرهاب وتجفيف مصادره، وتبنت الكثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية حملة إعلامية توعوية كشفت خلالها بالأدلة والوثائق مخاطر سياسات دول الحصار على أمن المنطقة، أضف إلى ذلك زيادة اتساع رقعة المعارضة لدول الحصار في الداخل والخارج.
لقد كان للتحرك السريع لدولة قطر بكافة مؤسساتها، الجانب الإيجابي الأبرز لتلك الأزمة.فهذا التحرك الدقيق والمدروس بعناية، حول الأزمة التي أرادوها محنة لقطر، حيث تواصلت الإنجازات القطرية، رغم أنف الحصار والمحاصرين، بوتيرة أسرع مما كانت، وتتابعت الخطوات، لتوفير الاحتياجات، وتواصل الانفتاح القطري على العالم. ونجحت الدوحة ليس فقط في كسر الحصار الجائر، وإنما تحويله إلى قوة دافعة لتحقيق مزيد من النجاحات، كما استنفرت مؤسسات الدولة كل قواها وبدأت العمل الفوري بجدية وتفان.
أن الثقة العظيمة التي نالتها دولة قطر من المجتمع الدولي، تكبر يوماً بعد آخر، لتثبت علو كعبها في احترام الأعراف والمواثيق الدولية، والسير بخطى ثابتة وفق موجهات القانون الدولي، وهي القضية التي أحبطت كل خطط المتآمرين على قطر، ووضعتهم أمام مواجهة مع العالم، وكشفت دسائسهم وخططهم للزج باسم الدوحة في ادعاءات زائفة وباطلة.أخرها مزاعم هيئة الطيران المدني بدولة الإمارات بإعتراض مقاتلات قطرية لطائرة مدنية إماراتية خلال توجهها إلى العاصمة البحرينية المنامة، فهذه التصرفات والمزاعم ليست غريبة على دول الحصار، الشيء الذي يثبت بأنهادول تكذب وتتحرى الكذب في الافتراء على دولة قطر زيفاً وبهتاناً، وتكشف للعالم مدى صدقية الدوحة التي ظلت دوماً تحترم المواثيق الدولية، بذات قدر كشفها لأساليب دول الحصار الملتوية وأكاذيبها، بثبات راسخ مع الحقيقة وأدواتها دحضاً لمزاعمها.
ومع كثافة تحري دول الحصار للكذب، استبان للعالم أجمع، مدى الصدقية التي تتمتع بها دولة قطر في كل مواقفها، وعلى النقيض منها تماماً، تقبع دول الحصار في مستنقع الكذب والأباطيل إلا أن دولة الحصار واصلت سلسلة الأكاذيب المفضوحة، فلا زالت دول الحصار تواصل سياسة التحريض وبث العداء في نفوس أهل المنطقة وإذكاء الكراهية، وتوظيف منصات إلكترونية لترويج أكاذيب عن دولة قطر تضم جيوشاً ممن باعوا أنفسهم للمال والنفاق السياسي، وعكفت على النيل من شخصيات قطرية عديدة.
كما دأبت على توجيه تهم وادعاءات مغرضة واختلاق وقائع بحق قطريين ومقيمين على الاراضي القطرية، كما دأبت على إلحاق الاتهامات السياسية والأكاذيب لمواطني الدولة بأنهم متورطون في جرائم. وعندما طرحت تلك الدول (13) مطلباً رفضتها الدوحة جميعاً ودعت إلى حوار دون إملاءات، ودون تدخل في سيادتها وفي حرية الرأي والتعبير على أراضيها.فمطلب دول الحصار بإغلاق قناة الجزيرة ومزاعم تمويل الإرهاب كشفت النوايا المبيتة لقمع حرية الإعلام. أن توقيع دولة قطر على مذكرة تفاهم مع واشنطن لمكافحة تمويل الإرهاب، وضع دول الحصار أمام عاصفة من التنديد الإعلامي الغربي، لا سيما مع فتح ملفات انتهاكات حقوق الإنسان ودعم الإرهاب في تلك الدول.
- انجازات في عام الحصار
لقد أبهرت دولة قطر العالم بالإجراءات التي إتخذتها في مواجهة الحصار، على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والرياضية في جهود متسارعة لتعزيز أمن واقتصاد البلاد. وحين نستعرض إنجازات الدولة داخلياً وخارجياً خلال عام الحصار، فإننا ندرك أن قطر ماضية في مسيرتها بعزم وتصميم نحو أهدافها المرسومة وغاياتها النبيلة على كل المستويات وفي جميع القطاعات داخلياً وخارجياً، وفاءً لعهودها ومبادئها وقيمها، وانها ستمضي على هذا الدرب لتظل قطر كعبة المضيوم مشرعة الأبواب لكل ما هو خير ونافع ومفيد إقليمياً وعربياً ودولياً. فقد حققت دولة قطر خلال العام الجاري أرقاماً قياسية في مجال الإنجازات ومشروعات التنمية والبناء والنهضة التي تتوافق مع رؤية قطر الوطنية 2030.
كان لكلمةحضرة صاحب السمو الشيخ/ تميم بن حمد آل ثاني- أمير البلاد المفدى”حفظه الله” من على منبر الأمم المتحدة في دورتها الثانية والسبعين في منتصف سبتمبر الماضي، تلخيصاً لدور قطر المحوري والحيوي في مكافحة آفة الإرهاب وإحلال السلم والأمن الدوليين. ولأن سج لدولة قطر في مكافحة الإرهاب معروف وموثق، وانضامها إلى المعاهدات الدولية والإقليمية في هذا الشأن وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب لسنة 1999، والمساهمة في كل جهد دولي وإقليمي في هذا السبيل. فقد طرح أمير البلاد في كلمته مبادرة هامة وهي ضرورة فرض الحوار والتفاوض قاعدة في حل الخلافات من خلال إبرام ميثاق دولي بشأن تسوية المنازعات بين الدول بالطرق السلمية.
خلاصة القول فأن السياسة القطرية نجحت نجاحاً كبيراً، وكان للجولات الخارجية التي قام بها أمير البلاد في أفريقيا وأوروبا وآسيا، الأثر البالغ في تعزيز مكانة دولة قطر على الصعيدين الدولي والإقليمي، بالإضافة إلى تدعيم أواصر الصداقة مع كافة دول العالم.
لقد نجحت الدبلوماسية القطرية منذ بدء الأزمة، في تحقق كثيراً من النجاحات التي أظهرت مدى ضعف خطوات ومنطق دول الحصار ووضعتها تحت ضغط دبلوماسي عالمي في ظل حالة من التخبط، مقابل دبلوماسية راسخة استطاعت قطر أن تقدمها من خلال نشاطات سعادة الشيخ/محمد بن عبد الرحمن آل ثاني- نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في العام الأول للأزمة الخليجية والتي شكلت رأس الرمح في إيصال رؤية دولة قطر للعالم وبلغة دبلوماسية هادئة وجولات مكوكية، شملت زيارة (52) عاصمة من عواصم صناعة القرار الإقليمي والعالمي، وعقد( 216) اجتماع مع رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وبرلمانيين وسفراء ومسؤولين بالمنظمات الدولية، وإجراء (43) اتصالاً هاتفياً مع وزراء خارجية ومسؤولين من عدة دول ومنظمات، و(37) مقابلة مع كبريات الصحف والقنوات التلفزيونية العالمية ما اظهر خطاب دولة قطر الإعلامي المتوازن، بالإضافة إلى عقد (17) مؤتمراً صحفياً بالدوحة وعدة عواصم، و(13) ندوة ومحاضرة بجامعات ومعاهد مرموقة داخل دولة قطر وخارجها، وعقد(4) مؤتمرات دولية، كما ارتكزت الرؤية الدبلوماسية لدولة قطر على حل الأزمة عبر الحوار تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، و دعم الوساطة الكريمة لسمو أمير دولة الكويت الشقيقة والجهود الدولية المساندة لها، ورفض الوصاية ومس سيادة دولة قطر، وضرورة أن تكون مطالب دول الحصار واقعية وقابلة للتنفيذ، وضرورة تجنيب الشعوب للخلافات السياسية.
نجحت الدوحة في سحب البساط من تحت أقدام دول الحصار، مادفع الأخيرة بعد شهرين من التصعيد والوعيد للتحول إلى الدفاع والتبرير، خصوصاً بعد أن اتضح أن الأزمة بنيت على دوافع ملفقة. حيث حافظت الدبلوماسية القطرية في خطابها على الهدوء والترفع عن الصغائر واعتمدت على المحاجة القوية المبنية على الوقائع للرد على الادعاءات، بينما كانت دول الحصار تمارس سياسة الضغط أملاً في تحقيق الانفجار فأخرجت أوراق قوتها جميعاً. استوعبت الدوحة الصدمة وأوجدت بدائل حالت دون إحداث خلل في حياة المواطنين.
كما حظي الموقف القطري بدعم واضح من أنقرة وباريس وبرلين، وأفلحت الدبلوماسية القطرية في تحييد مواقف دول كبرى مثل روسيا والصين وبريطانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي، كما أبقت دولاً إفريقية على الحياد.وبالنتيجة، أجمع المجتمع الدولي على أنه لا سبيل غير الحوار للخروج من الأزمة، وهو ما دفع دول الحصار لإرسال مسؤوليها إلى العواصم الكبرى للتشويش على حراك قطر الدبلوماسي، ولكن دون جدوى.لقد اثبتت دولة قطر أنها تملك سلك دبلوماسي ذو كفاءة عاليه استطاع الخروج من الأزمة وقلبها لصالحه بكل هدوء ودون أي شيطنة إعلامية أو فجور في الخصومة.
وفي إطار حرص دولة قطر على التطوير المستمر لجميع أفرع القوات المسلحة، فقد شهد عام الحصار توقيعا لعديد من اتفاقيات التعاون العسكري والشراكات مع معظم دول العالم المتقدمة في مجال تكنولوجيا الأسلحة والتدريب، ودعمت دولة قطر منظومتها الدفاعية بمختلف أوجه التعاون مع الكثير من الدول حول العالم على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا وفرنسا.
إقتصادياً : أعدت ونفذت دولة قطر خطط طويلة الأمد بالتوازي مع الخطط العاجلة من أجل منع أي نقص في الأسواق القطرية، وإغراقها بمنتجات وطنية بجودة عالية خلال الحصار لم يعرف بوجودها المواطن القطري من قبل، فهذا التحرك السريع لتأمين المنتجات الغذائية بالتوازي مع الخطط طويلة الأمد أعطى لقطر خطاً دفاعياً يبقيها في منأى عن أية تبعات قد تؤدي لأزمة غذائية.كما وضعت دولة قطر مبادرات كثيرة نصب أعينها من أجل إيجاد بدائل محلية للبضائع القادمة من دول الحصار وأصبحت دولة قطر تنتج مايقارب (100) سلعة أساسية كانت تستورد في الماضي من هذه الدول، ولقيت أيضاً مشاريع وطنية دعماً حكومياً وترحيباً من المستهلكين؛ حيث تم تسجيل (4713) شركة بوزارة الاقتصاد والتجارة في الربع الإخير من 2017م الشيء الذي أثبت مدى قوة ومتانة الاقتصاد القطري، ورفع من عزيمة رواد القطاع الخاص على توسعة مشاريعهم وتطوير مجالات عملهم بمزيد الاستثمار في القطاعات الصناعية والتجارية سعياً منهم إلى مزيد من تنويع الاقتصاد القطري. ما ادى إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للإقتصاد الوطني لعام 2018م بنسبة (208%) حسب توقعات البنك الدولي في ظل توجه الدولة نحو الدعم الكامل للإستثمار الأجنبي. كما ارتفعت نسبة الصادرات في العام 2017م بنسبة (18%) لتصل إلى (67) مليار دولار مقارنة بـ (57) مليار دولار في العام 2016م ، وبلغ فائض الميزان التجاري للدولة (49.9%) مرتفعاً من (25.18) مليار دولار في العام 2016م إلى (37.75) مليار دولار العام الماضي
دولة قطر قررت أن تولي وجهها شطر البحر، بعد أن قطع جيرانها أواصر العلاقات فجأة، وغلق المنافذ البرية وخطوط الملاحة الجوية. حيث أعلنت شركة (ملاحة) عن إطلاق خدمة نقل مباشر بين قطر وباكستان، يطلق عليها اسم (PQX) تعمل بين ميناء حمد وميناء كراتشي في باكستان، وتميزتلك الخدمة بمدة عبور تنافسية تبلغ (4) أيام فقط مما يجعلها الأسرع من نوعها بين البلدين. كما شهدت دولة قطر في الخامس من سبتمبر الماضي حدثاً بالغ الاهميةعلى صعيد مشاريع البنية التحتية القطرية، حيث تم إفتتاحميناء حمد البحري الذي يعد أحد أهم وأكبر الموانئ في منطقة الشرق الأوسط، والذي تم إنجازه بمقاييس ومواصفات تجعله قادراً على استقبال أكبر السفن في العالم، ويطبق أعلى المعايير العالمية في إجراءات الأمن والسلامة، وعمدت أيضاً إلى تدشين خطوط ملاحية جديدة لنقل البضائع بشكل مباشر مع سلطنة عمان والهند وتركيا وإيران والعراق. فلقد أثبتت دولة قطر بعد مرور عام على الحصار، أنها تملك اقتصاداً قوياً جداً، أصبح يصنف من أقوى الاقتصادات من حيث مواجهة الازمات.
كما نجحت دولة قطر في فتح خطوط جوية جديدة لمواجهة الحصار الجوي ودشنت العديد من الاتفاقيات الخاصة بفتح خطوط ملاحية مع الكثير من المطارات العربية والدولية، الأمر الذي مكن الدوحة من إدارة الأزمة ومواجهة الحصار بكفاءة واقتدار، وحاز مطار حمد الدولي مطلع العام الجاري على المرتبة السادسة كأفضل مطار في العالم خلال حفل جوائز سكاي تراكس العالمية 2017، ليصعد بذلك أربعة مراكز مقارنة مع نفس التصنيف للسنة الماضية، كما حاز خلال حفل أقيم على هامش “معرض مبنى المسافرين” في امستردام، على جائزتي “أحسن مطار في الشرق الأوسط” للعام الثالث على التوالي، و”أحسن خدمة موظفين في الشرق الأوسط” للعام الثاني على التوالي، وحصل على تصنيف خمس نجوم من قبل سكاي تراكس، ليصبح واحداً من بين خمسة مطارات في العالم فقط تتمتع بهذا التصنيف، كما فازت الخطوط الجوية القطرية هذاالعام بجائزة أفضل خطوط طيران في العالم للمرةالرابعة في تاريخها.
التنمية المستدامة: وفي ظل الحصار المضروب ومع بدايات العام الجاري، دشن حضرة صاحب السمو الشيخ/تميم بن حمد آل ثاني- أمير البلاد المفدى”حفظه الله” مشروع مصفاة (لفان 2) التي تأتي في إطار تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030م للوصول إلى الهدف الأسمى وهو تحقيق التنمية المستدامة وتأمين استمرار العيش الكريم جيلاً بعد جيل. وقد أسهم التشغيل الناجح للمصفاة في مضاعفة طاقة قطر لتكرير المكثفات لتصل إلى حوالي (292) ألف برميل يومياً، مما جعل راس (لفان) واحداً من أكبر مواقع تكرير المكثفات في العالم، كما تم الإعلان في نهاية شهر يوليو عن إطلاق أول إنتاج من حقل(الشاهين) البحري، وهو أكبر حقل نفطي بحري في قطر وأحد أكبر حقول النفط البحرية في العالم. كما تم إكتمال المشروع المداري الذي يمتد (190) كيلو متراً ويتضمن (21) تقاطعاً.
وفي قطاع السياحة: العام الأول من الحصارشهد نمواً في أعداد السائحين الزائرين لدولة قطر مع توقعات بإرتفاع هذا العدد خلال الفترة المقبلة خاصة بعد الإعلان عن إعفاء مواطني (80) دولة من الحصول على تأشيرة دخول للبلاد.ورغم الحصار المفروض على دولة قطر إلا أن حركة السياحة لم تتوقف في قطر ليشهد عام الحصار تزايداً في أعداد السياح وهو ما تؤكده نسب إشغال الفنادق التي يتم تسجيلها، حيث بلغت نسبة الإشغال الفندقي (95%). كما استحوذت دولة قطر على منتجع بسويسرا بقيمة مليار دولار. حيث تعمل الهيئة العامة للسياحة في قطر على العديد من المبادرات والحملات الترويجية والبحث عن أسواق جديدة لاستقطاب السياح وتنويع المنتج السياحي بما يضمن ازدهار قطاع السياحة في دولة قطر الذي لم يتضرر بالحصار بل على العكس شهد نشاطاً ملحوظاً في ظل الأزمة الحالية.
وفي الجانب الرياضي: واصلت دولة قطر السير في طريقها وفق خطط مرسومة دون الالتفات للآخرين للنهوض بالبلاد بدءاً من الفوز بحق تنظيم بطولة كأس العالم 2022م والعمل الدؤوب على استكمال البنى التحتية (مترو الدوحة)وإستكمال كافة تجهيزات المونديال وبنسبة بلغت (90%) في العام الحالي، وإضافة إلى الإعلان عن جاهزية أول إستاد لإستضافة بطولة كأس العالم قبل خمسة أعوام من موعد الحدث والذي يقول عنه الخبراء بأنه سيبهر العالم بإمكانيات غير مسبوقة، و رعاية الخطوط الجوية القطرية للاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” ، كما بعثت دولة قطر رسالة تحد جديدة للدول المحاصرة لها، وذلك حين واصلت توسيع آفاقها الدولية من جديد، حيث عزز مطار حمد الدولي رعايته البلاتينية لنادي بايرن ميونيخ الألماني لكرة القدم حتى عام 2023م.
كما نجح نادي باريس سان جيرمان المملوك لجهاز قطر للاستثمار في حسم صفقة انتقال اللاعب البرازيلي “نيمار دا سيلفا” بصفقة هي الأغلى في العالم بقيمة قدرت بـ (225) مليون يورو، ما أحدث ضجة عالمية وصفته وسائل الإعلام الأميركية بأنها رسالة من قطر لحلفائها الأجانب والمستثمرين بأن الأمور تجري على طبيعتها رغم الحصار. وتسلمت قطرعلم بطولة العالم لألعاب القوى بعد اختتام نسخة لندن 2017م، وستكون الدوحة المدينة المضيفة للنسخة التالية في عام 2019م ولتكون النسخة الأولى على الإطلاق من هذه البطولة (أكبر تجمع رياضي على مستوى العالم) تقام في منطقة الشرق الأوسط.لتثبت الدوحة بعد مرور عام على الحصار أنها تملك امبراطورية رياضية لها وزنها العالمي.
- التداعيات الإنسانية
التداعيات الإنسانية الناجمة عن الحصار دفع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر لمطالبة المجتمع الدولي بإتخاذ كافة الخطوات الممكنة على مستوى مجلس الأمن، والمحاكم الدولية ولجان التحكيم، والمنظمات الحقوقية لرفع الحصار عن المواطنين والمقيمين في دولة قطر وإنصاف الضحايا. بعد أن استقبلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر (3970) شكوى منذ بدء الحصار، حيث وقع (504) انتهاكات للحق في التعليم، (1174) انتهاكاً للحق في الملكية، (629) انتهاكاً للحق في لم شمل الأسرة، (1261) انتهاكاً للحق في التنقل، (37) انتهاكاً للحق في الصحة، (163) انتهاكاً للحق في ممارسة الشعائر الدينية، (109) انتهاكات للحق في العمل، و(93) انتهاكاً للحق في الإقامة.
كما وثقت البعثة الفنية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في يناير 2018م
من واقع مشاهدات حقيقية، انتهاك دول الحصار الأربع للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان، كما ادانت البعثة في تقريرها التدابير التي اتخذتها دول الحصار ضد دولة قطر، وما نتج عنه من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وأن ما تعرضت له قطر ليس مجرد قطع علاقات دبلوماسية، وإنما انتهاكات ترقى إلى عقوبات جماعية بحق المواطنين والمقيمين في الدولة ومواطني دول مجلس التعاون.
تداعيات الحصار طالت عددمن المواطنين القطريين حيث واجه بعضهم، الاعتقال التعسفي والاحتجاز وحرمانهم من حريتهم، وتعريض أمنهم وسلامتهم للخطر، ممن تنقلوا من خلال المنافذ الحدودية البرية لمتابعة أملاكهم بدول الحصار، أو المنفذ البحري وحرموا من تحصيل أرزاقهم وأموالهم من بضائعهم التجارية، أو المنفذ الجوي ممن طردوا من أرض مكة المكرمة وهم يؤدون العمرة في رمضان الماضي، وحرموا من متابعة أملاكهم في مكة والمدينة وجدة والرياض، وكذلك في إمارات دبي والشارقة وعجمان والبحرين ومصر، وغيرهم الكثير. ووصل الأمر إلى تجريم مواطني دول الحصار لمجرد تعاطفهم مع دولة قطر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل وإغلاق وحجب وسائل إعلام ممولة من دولة قطر، بما فيها القنوات الرياضية التي لاتبث بالتأكيد نشرات أو برامج ذات طبيعة سياسية.
انتهاكات دول الحصار طالت المجال الإعلامي أيضاً حيث سجلت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر، تعرض (103) إعلامياً من مواطني دول الحصار والذين كانوا يعملون في عدد من وسائل الإعلام المرئي الموجودة في دولة قطر، لأنواع مختلفة من الانتهاكات، من بينها الضغط عليهم بهدف إجبارهم على تقديم استقالتهم، وبناء على هذا الضغط اضطر (10) إعلاميين منهم للرضوخ، وقدموا مجبرين استقالاتهم، بينما تمارس دول الحصار ضغوطاً على(93) إعلامياً لإجبارهم على ترك عملهم.
عام كامل مر على الحصار الجائر وما صاحبه من إجراءات تعسفية ضد دولة قطر ، هو أمر شكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، فضلاً عن عدم مراعاة أواصر الأخوة وروابط الدم والعلاقات التاريخية بين هذه الدول ودولة قطر، ضاربة عرض الحائط بجميع المبادئ والمعايير القانونية والحقوقية والإنسانية؛ ورغم كل هذا لم تتخذ السلطات بدولة قطر أي مواقف عقابية تجاه مواطني دول الحصار المقيمين فيها، ولم تلجأ إلى معاملة هذه الدول بالمثل.
بعد عام من الحصار تواصل دولة قطر الدعوة للحوار مع دول الحصار في مفاوضات ذات إطار واضح ومجموعة مبادئ تضمن سيادتها وفق أسس ومعايير تحترم القانون الدولي، مع رفضها الوصايا عليها من أي دولة اخرى، والاتفاق على مبادئ رئيسية لأي حوار وتحصينها بآلية واضحة لحل النزاعات، فدعوة قطر للحوار سبيلاً لحل الأزمة الخليجية ليست شيكاً على بياض،ومتى ما قررت دول الحصار أنها تريد حل الأزمة ستكون دولة قطر على الطاولة في انتظارهم.
إخيراً: لقد كشفت الأزمة الخليجية أن الشعب القطري في غاية النضج وأن محاولات ضرب النسيج الداخلي واختراقه لتغيير النظام باءت بالفشل، فإنجازات دولة قطر في العام الأول من الحصار داخلياً وخارجياً، تكشف إننا نقف أمام دولة تستنهض روح الماضي لتستخلص منها ملامح المستقبل.
تعليقات الفيسبوك