ولدت حرا وترعرعت حرا ثم انقلب كل شيء علي العكس فأصبحت عبدا مملوكا لا يقدر علي شيء وهو كل علي مولاه اينما يوجه لا يأت بخير.
ولكن يا ترى من هو سيدي؟ انا عبد لا يستطيع تمييز سيده عن الآخريين.
يخطر علي بالي بل واذكر في بعض الاحيان حينما كنت طفلا يافعا يذهب الي المدرسة وكنت اري المستقبل نيرا نعم كان تصوري في المستقبل نضرا كنت اعيش تحت نظام دولة يعيش شعبه بكل امان و سلام ، نعم بالامن كنت في ريعانة شبابي حينما كنت اغادر الي المسجد لصلاة الفجر كل يوم بدون خوف ولا وجل لان هيبة الدولة متوفرة، والعلم الصومالي كان يرفرف فوق ارضنا، والحياة تسير، وكذا التجارة والتعليم وجميع مجالات الحياة، فبسرعة فائْقة انقلبت الأمور واصبح اليتم والجوع سمة من سماتي اللّازمة، وارى اموت جوعا.
حاولت ان ابيع اثاث بيتي لاْجنبي ثم ياخذها بدون عوض، واما حال محارمي فحدث ولا حرج.
ارسلت اخواتي الي الخارج فيرجعن الي ارض الوطن لا مسلمات ولا كافرات مذبذبن بيين ذلك لا هولاء ولا الي هولاء, واكثر من ذلك انا قتلت اخوتي جميعا اما باسم الدين وان كانت وجهة نظر تحتمل الصواب او الخطا، بل وفي بعض الاحيان اقتلهم لانهم ينتسبون الي جد اخر ليس ببعيد عن اجدادي, لاني قوي وشجعان كالليث عاديا اجيد الدفع والممانعة امام اخي، حتي وعند السلم ارى ان قبيلتي التي انتميها لها دور ومزية لا يجوز ان يشارك فيها احد، وعند المناقشة والحوار يحمر وجهي وينفتخ اوداجي لاني شديد علي الاخوة لكني اجد نفسي جبانا لا حيلة ولا قوة عند الأعداء وقد نزعت المهابة من قلب اعدائى.
لكن ذات مرة لقيني صديق صدوق صادق الوعد فقلت له اين المخرج من هذه العبودية فتبسم ضاحكا فقال” بلطف لانك تحب سيدك! سيدى انا فكان قلبي نزع بقوة ثم اخذت يده بيدي بحنو وعطف وقلت له بصوت خافت بالله عليك من هو سيدي فهل تستطيع ان تدلني وتطلعني علي السر الذي طالما مكتوما عني؟؟
فكنت اتوقع منه اجابة شافية تعينني من تخليص العبودية ثم اكون حرا طليقا بعد حرمان دام اكثرمن ثلاثين سنة.
ثم اخذ صديقي يدي وذهب بي الي بيته وبداْ القصة فقال:
منذ العقود الثلاثة الماضية لم تنعم الامة الصوماليه بامن وامان، وانقسم البلد الي دويلات وتنظيمات إقليمية، وانحط المجتمع بكل اشكاله ومقاييسه وقد جربوا النعرات الجاهلية وقاتلوا لاجل القبلية وحاولت كل قلبيلة بأن تكون لهم السلطة والمنعة لكن الله سبحانه وتعالي أبى ان تكون الغلبة لاهل الباطل وجعل غلبتهم في مهب الريح حتي انقسمت كل قبيلة من قبائل الكبرى الي عشائر وفصائل وافخاذ، فعمت الفوضي والفتنة ولا بيت من بيوت الصومال الا وقد دخلت، فاستمرّ الحال هكذا الي ان شاء الّله، فبعد ضعف قوتهم وذهاب شوكتهم تداعت بهم الاعداء واستغلوا بهذه الفرصة الساحنة التي وجدوها بدون جهد باهض يذكر فاشتعل الاعداء نار الحرب فزادوهم حطبا.
ثم بدات مرحلة امراء الحرب فحصل ما حصل وجني الشعب حصادها يومئذ ثم تلاه محاولات لإطفاء نار الفتنة من قبل بعض الغيوريين للوطن والدين ولكن بات بالفشل بسبب قلة الامكانيات الضئيلة ولعل ولا شك ان هناك اسبابا اخري سواء كانت مادية اومعنوية.
مع وجود الحركات الزاعمة بالحكم الديمقراطية هناك حركات وجماعات اسلامية يحاول كل منهم علي حدة باستغلال الفرص بهذه الاوضاع المتدهوة اصلا، ولا اريد ان انقل حديثي الي قصص من التاريخ ولكن اري ان كل هذا له اسباب وعوامل من اهمها الفساد الخلقي والاعتقدي الّذي سيطر وافسد جميع مجالات الحياة، وكثر الاختلاف وسادت الفرقة في الساحة السياسية والدعوية واللغوية والعرفية والتاريخية والجغرافية وغيرهم .
وهذا الضعف يرجع الي عدة اسباب رئيسية ولا يمكن تحسن الوضع و الله اعلم حتي يتم تصحيح الاخطاء وتبديلها الي التوبة والرجوع الي الله ومناصرة المنكوبين والمتضررين من الايتام والارامل والضعفاء والمساكين والعاجزين وذوي العاهات الذين ليس لهم حيلة ولا يهتدون سبيلا، فقد قال تعالي في محكم تنزيله (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) (الرعد اءية11).
وكنت انظر الي الرّجل بالدّهشة، اقول في نفسي انّه ليس جادا ولعله يمزح او يسخرني ويستهزأ بي ثم وضعت يدي علي كتفيه فنظرت الى وجهه فأيقنت انه جّاد فسألته بإلحاح اذاً من هو سيدي؟ ففتح شفتيه بأن قال لستَ عبدا مملوكا بل انت حرّ ولكن انت انت ….. فقلت ماذا تعني انت انت…… ثم تبين لي انه لم يكن مازحا.
فقال برفق ، بسسبب بغضك وكراهيتك التي تُكِنّ لإخوانك تجعلك وحيدا، وانت ضعيف بمفردك قوي بإخوانك، ثم أردف قائلا، من أبطا عمله لم يسرع نسبه ففهمت قصده وعرفت السبب، وإذا عرف السبب بطل العجب، شممت رائحة الندية وتنعشت لكن سألت نفسي اين فرسان الوطن وابطال القوم؟ فسرت سابحا في افكاري فتخيلت وانا امشي جموعا حاشدة من الاحبة والاخوان، فدار وجهه الي وقال قلت لك لست رجلا مملوكا ولا عبدا مأمورا بل أنت حر، ولكن انقلبت الموازين فاصبح الاخ الحبيب عدوا لذودا، والعدو صديقا حميما.
إذا من اليوم تبدأ المعركة من جديد، معركة تصحيح المفاهيم……………..
بقلم عبد الرحمن عوالي حسن
تعليقات الفيسبوك