بقلم/ أبوبكر بشير محمد: الكاتب والمحلل السياسي
استمعت الأحكام التي أصدرها علماء جلدغب، فبقدر ما انبهرت فيما هية النصوص المعتمدة على اصدار الأحكام التي شملت عقوبات مدنية مادية يصعب علي أن أفهم طريقة حسابها، فإنني أتساءل ماهية الشرعية التي تتمتع بها محكمة العلماء في ظل الدولة الحديثة؟
القضية ليست مصالحة، ولا تسوية بين طرفين في شأن مدني، بل هي جريمة تمس قبل أي شيء الشأن العام، وهي مسئولية الدولة، فكيف يتم اسناد هذه المسئولية لغير محكمة الجنايات، وهي محكمة سيادية تعتبر أحد أهم المؤسسات القضائية في الدولة، لكونها متخصصة في قضايا خطيرة؟
أين محكمة الجنايات التي كانت تصدر أحكام الإعدام على القاتلين والمتهمين بالإرهاب في بونت لاند؟ أين محكمة الجنايات الفيدرالية التي هي الجهة الوحيدة المتخصصة في إصدار الأحكام الجنائية في البلاد؟
هذا الدور الذي أخذه العلماء يدل على أن هناك صدام بين الدولة الحديثة وبين الشريعة الإسلامية وهو صدام مختلق من خلاله يحاول علماء الدين لعب دور يتجاوز عن الفقة (الفلسفة والتحليل) إلى دور السلطة والنفوذ، وهو الصراع القديم الذي كان قائما بين علماء الفقه وعلماء العقل، مما أدى إلى ما نحن فيه من تيه وتخلف.
إن الدولة هي المسؤولة عن إصدار القوانين، وتطبيقها، وهي المسؤولة عن تنفيذ الأحكام التي يجب أن تكون في القضايا الجنائية مكتوبة غير محتملة على الآراء والأفكار والتحليلات، وعلى العلماء قبول هذه الحقيقة وإلا فإنهم سيكونون في خارج المنطق والعقل ومن ثم خارج التاريخ والوجود.
لم تكن الأحكام التي أصدرها علماء جلدغب خفيفة، كما يصوره البعض (المتعلمانيون)، بل كانت خروجا صريحا لسيادة الدولة، حيث تعني فقط نكران وجود الدولة، وهي كارثة ماحقة مرفوضة غير مقبولة.
أرجو أن يقرأ العلماء التاريخ ويستفيدوا منها، فكلما يصبح عالم الدين ضد الدولة، كلما خسر مشروعه وتصبح الدولة مشروعا متناقضا مع الدين، وهي المشكلة التي يعانيها المسلمون في العصر الحديث، حيث أن التصور الاجتماعي بسبب سوء تصرفات الحكام المغشوشين والعلماء المتمسكين بالتراث غير المغربل جعل الدولة الحديثة وكأنها ضد الدين.
تواصل معنا عبر هذا الإيميل:
Somaliatoday2006@hotmail.com
تعليقات الفيسبوك