مقدمة
بعد أيام من تولي رئيس الجمهورية الصومالية محمد عبد الله فرماجو بمقاليد السلطة في البلاد حدث في سوق مزدحم بمديرية ” ودجر” في محافظة بنادرانفجارقوي أسفرعن وفاة عدد من المتسوقين والباعة وإصابة آخرين بجروح نقل لهم من جرائها إلى المراكزالصحية في العاصمة الصومالية لتلقي العلاج اللازم منها.
وقام الرئيس في يوم 20 من شهرفبراير بزيارة هؤلاء الجرحى في مستشفى المدينة،مؤكدا لوسائل الإعلام بأنه سيتم نقل المصابين بالجروح الخطيرة إلى الخارج، ومتوعدا في الوقت ذاته بشن هجوم واسع النطاق على حركة الشباب المناهضة للحكومة الصومالية وجهودها الرامية إلى إعادة الأمن والاستقرار، ووضع حد لمظاهرالعنف والصراع المرير الذي شهدته الصومال منذ الإطاحة بالحكومة الصومالية المركزية في عام 1991م.
ودعا فرماجوالشعب الصومالي إلى الوقوف بجانب القوات الصومالية المسلحة، للقضاء على حركة الشباب، وهجماتها ضد الانسانية والتقدم الحضاري بحسب قوله.
إعلان حالة حرب في شهر أبريل
قام رئيس الجمهورية الصومالية محمد عبد الله فرماجو في شهرأبريل من هذا العام بسلسة تعيينات على قادة أجهزة الأمن والجيش، وأطلق في مناسبة تعيينه بالقادة الجدد خطابا شديد اللهجة أعلن فيه دخول البلاد في حالة حرب ضد عناصر حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة الدولي.
وأشارفرماجو في كلمته خلال هذه المناسبة بأنه يدعو مقاتلي حركة الشباب إلى تسليم أنفسهم خلال 60 يوما، مقابل حصولهم على تعليم ووظائف لكسب العيش.
وقال فرماجو آنذاك ” تعرض الحكومة الصومالية على مسلحي حركة الشباب بالعفو، وتؤكد لهم بتوفير تعليم ووظائف إن تنازلوا عن أفكارهم المنحرفة عن الجادة السوية” .
تكثيف الهجمات كرد فعل على خطاب الرئيس
كثفت حركة الشباب كرد فعل على خطاب الرئيس وممارساته هجماتها ضد كبارالمسؤولين العسكرين والسياسيين وعناصرالجيش والشرطة وموظفي الحكومة الفيدرالية، وقامت بسلسلة هجمات تفجيرية باتت تشكل تهديدا قويا، وخطرا كبيرا على أمن العاصمة الصومالية موقع أنظار العالم، وأدى واحد من هذه التفجيرات في قلب العاصمة إلى عدة قتلى وجرحى من ضباط الجنود لاستهدافه على قاعدة لتدريب القوات في مقديشو.
وحاولت الحركة حسبما أعلنت في مواقعها الإعلامية باغتيال القائد الجديد جنرال عرو الذي عينه فرماجو للجيش الصومالي وهو في موكب عسكري غادر من مقر وزارة الدفاع الصومالية إثر انتهاء مناسبة عسكرية شارك فيها بمقر الجيش، وتوفي من جراء سيارة مفخخة استهدفت قافلته العسكرية بعدد غير قليل من مدنيين صادفت حافلة ركابهم بهذا الهجوم المخطط لتصفية قائد الجيش الصومالي الذي نجا هو الآخر من محاولة الاغتيال باستخدامه سيارة عسكرية صامدة للرصاص.
إطلاق أبواق الحرب من جديد بعد مجزرة منتصف شهر أكتوبر
بعد تفجير تقاطع كم 5 الذي خلف مئات من القتلى والجرحى والمفقودين، والذي ذكر بأنه الأعنف في تاريخ البلاد بحسب المراقبين سارعت الحكومة الصومالية بإلقاء اللوم على حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة الدولي، مؤكدة بأنها لا تشك في قيام حركة الشباب بهذا الهجوم الوحشي الذي حصد أرواح المئآت من المدنيين الأبرياء، إلا أن حركة الشباب لازمت الصمت المطبق ولم تعلن وقوفها وراء هذا الهجوم المروع بعد.
وأرجع بعض المحللين عدم تبني حركة الشباب بتفجير مقديشو بأنه أخطأ هدفه، وأنه أدى إلى بشاعته وخسائره البشرية والمادية الفادحة التي أثارت موجة غضب واستياء عام في أوساط الشعب.
ويضيف المحللون إلى أن الحكومة الصومالية تستغل من هذا الهجوم الدامي سياسيا لحشد رأي العام خارجيا وداخليا لصالحها بهدف القضاء على حركة الشباب وإنهاء وجودها العسكري في وسط وجنوب الصومال.
وأطلق رئيس الجمهورية حينها أبواق الحرب داعيا الشعب الصومالي إلى خوض حرب ضروس يزيح عن كاهله المصاعب العظام التي خيمت عليه، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن تستمر المجازر الوحشية التي تمارسها حركة الشباب بدون تمييز ولا هوادة.
وبدأ الرئيس لتحويل خطابه الشديد إلى أفعال، بجولة إفريقية شملت كلا من أوغندا وإيثوبيا وجيبوتي سعيا لتوحيد الجهود العسكرية والمواقف السياسية بين دول الإقليم.
وأعرب فرماجو لوسائل الإعلام بأن التهديد الذي تشكله الجماعات الإرهابية في الصومال عابرة للحدود مؤثرة للأمن الإقليمي ككل وليس أمن الصومال فحسب.
وصرح بأن مواجهة خطر الإرهاب في الإقليم تحتاج إلى تعاون عسكري وتضامن في سبيل إنقاذ الإنسانية جمعاء من المجازروالتفجيرات الإرهابية المستمرة.
حركة الشباب تثبت قدرتها في اختراق الحواجز الاسمنتية لجهاز الأمن
بعد أسبوعين من تفجير تقاطع كم 5 الذي خلف كثيرا من ضحايا المدنيين شنت حركة الشباب هجوما بتفجير سيارة مفخخة على بوابة فندق ” ناساهبلود2″ ، وأعقب هذا التفجير اقتحام خمسة من مقاتلي حركة الشباب الفندق الذي يقيم فيه مسؤولون كبار من الحكومة الفيدرالية وسياسين ونزلاء صوماليين من الخارج والداخل.
وبحسب مصادر من المواقع الإعلامية لحركة الشباب فإن منفذي هذه العملية دخلوا بدون مقاومة تذكر فندقا محصنا في قلب العاصمة الصومالية لتصفية مسؤولين من الحكومة الفيدرالية ومستشارين أمنيين ما يعني بأن الحركة قادرة على اختراق الحواجز الاسمنتية التي وضعتها أجهزة الأمن الصومالية في الطرق الرئيسية بالعاصمة الصومالية مقديشو للحيلولة دون هجمات حركة الشباب.
وأسفرعن هذا الهجوم مقتل 24 شخصا بينهم مسؤولون محليون وعناصر من منفذي الهجوم، وذلك بعد اشتباكات مسلحة دارت بين قوات الأمن التي حاصرت الفندق وبين المسلحين الذين دخلوا فيه.
إقالة قادة أجهزة الأمن الصومالية
بعد انتهاء عملية إنقاذ بعض من نزلاء الفندق وانتشال جثث آخرين من تحت أنقاض بناية الفندق المتهدمة بالقنابل المتبادلة على مدى عشر ساعات تقريبا عقد مجلس الوزراء الصومالي جلسة استثنائة لمناقشة مستجدات أوضاع الأمن في العاصمة التي شهدت في غضون نصف شهر هجمات تفجيرية نكأت قلوب السكان، وجعلت بصيص أملهم في بحر من اليأس.
وانتهت هذه الجلسة الاستثنائية بصدور بيان صحفي تلاه للصحافة وزير الإعلام الصومالي الذي أعرب بإقالة كل من قائد الشرطة الصومالية الجنرال ساعد وإقالة رئيس هيئة المخابرات الصومالية السيد سنبلولشى من منصبهما دون الخوض في الدوافع وراء إقالة القائدين من المناصب.
وعلى الرغم من أن الحكومة لم تفصح رسميا عوامل إقالة قادة أجهزة الأمن الصومالية من مناصبهما، إلا أن بعضا من النواب يؤكدون بأنهما أخفقا في عملية تثبيت أمن العاصمة الصومالية التي صارت في الآونة الأخيرة مسرحا لعمليات حركة الشباب المناهضة للحكومة الصومالية الفيدرالية وجهودها الرامية إلى فرض سيطرتها على العاصمة بشكل خاص والبلاد بشكل عام.
ردود الأفعال المعارضة لضرب طبول الحرب
ندد النائب في البرلمان الصومالي محمد عمر طلحة فكرة إعلان الحرب الشامل ضد حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة الدولي لاعتقاده بأن الحرب خدعة وأنه بحاجة إلى كتمان شديد أكثر من حاجته إلى الإعلان عبر وسائل الإعلام.
وأعرب طلحة بأن حركة الشباب تعمل دوما لإجهاض مخطط الحرب الذي تعلنه الحكومة الصومالية تارة تلو الأخرى مكثفة بهجماتها التفجيرية في المناطق المزدحمة من العاصمة واغتيالاتها التي تستهدف على مسؤولي الحكومة وموظفيها المدنيين.
وهناك ضباط رفيعة كانت في صفوف القوات الصومالية المسلحة سابقا تدين بشدة فكرة إعلان حالة الحرب عبر وسائل الإعلام داعية في الوقت ذاته رؤساء الحكومة وقادة الجيش إلى عدم كشف أسرار الحرب قبل شنه على قواعد حركة الشباب التدريبية والمناطق التي تحيك منها المؤامرات.
ختاما.
طبول الحرب التي تقرع في العاصمة الصومالية مقديشو بين حين وآخر لا تؤتي أكلها ولا تقدر أن تشلّ القوة العسكرية لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة الدولي، فضلا عن سحقها وتطهيرها من البلاد ما لم تجد الحكومة الصومالية جيشا وطنيا عالي التدريب يملك خبرات ومعدات عسكرية فائقة لا تملكها حركة الشباب، يجول في القرى والأدغال، بل والجبال التي تتحصن فيها عناصرالحركة وقادتها ليل نهار ليراقب التحرك العسكري للحركة عن كثب وليجهض المخططات الهجومية لها في مهدها قبل تحويلها إلى أفعال.
وبدون هذه القوات الصومالية بصفاتها المذكورة تكون الحكومة الصومالية تخسر في حملاتها العسكرية قبل انطلاق شرارة الحرب، كما كان يحدث لأنها تعتمد على قوة بعثة الاتحاد الإفريقي المتواجدة في البلاد، والتعويل على هؤلاء لا يجدي لها نفعا.
بقلم: محمد محمود (رمضان)
تعليقات الفيسبوك