في المعترك السياسي لا يستبعد المكر والدهاء بل وتقديم الرشوة وشراء الذمم في كثير من الأحيان، ففيها نشأت الميكافلية وفي أروقتها ظهرت البرغماتية التي تعتبر نجاح العمل معيارا للحقيقة أيا كانت الوسيلة ، وعلى ساحاتها افترق الأصدقاء لأنها لا تعرف صداقة دائمة ولا عدواة مستمرة .
مخطئ من ظن أن ما يجري في مدينة جوهر يحدث بصدفة محضة اختيار رئيس البرلمان ونائبيه في الأسبوع المنصرم ، واليوم سيتم اختيار رئيس الولاية، لكن كل شيء يحدث عبر الخطة المرسومة و المدهش أن الخطة كانت معروفة من قبل الجميع مسبقا وبأسماء الشخصيات أيضا رئيس البرلمان ونائبيه كل شيء تم تنفيذه بعناية، بينما كان سكرتير الوزارة الداخلية متكأ على أريكة في مقدمة الصف من بين النواب وكأنه يستريح من معركة هو فيها المنتصر وفي يده قارورة ماء والإبتسامة مرسومة علي جبينه ، كيف لا وكل شيء يسير على ما يرام .
الجدير بالذكر أن الرئيس المرتقب للولاية كان من بين المراقبين وكان مذيع التلفزيون “هون كيبل” يجري معه مقابلات عند كل فاصلة، بعد اختيار رئيس البرلمان، وبعد اختيار نائبه الأول، وبعد ذلك وقبلها حتى نهاية الجلسة، فكانت إجابته واحدة “كل شيء يسير على ما يرام” هكذا قالها بالحرف الواحد.
هنيئا للطبقة الحاكمة بالفوز وهنيئا لهم بالخطة الناجحة والتمثيلية الموفقة، ومرحبا للرئيس المرتقب، وشكرا على السكرتير الدائم للوزارة الداخلية على العمل الدؤوب ، أما بقية المرشحين وأصحاب المطامع السياسية فليس لهم إلا أن يرحلوا وهم يهمهمون بمقولة الشيخ محمد عبده “لعن الله السياسة وساس ويسوس وسائس ومسوس، وكل ما اشتق من السياسة فإنها ما دخلت شيئًا إلا أفسدته”.
أما شعبنا المسكين والطبقة الكادحة والمثقين فعزائي لهم لأنهم مسلوبو الإرادة يعشون بين سندان الطبقة الحاكمة ومطرقة الساسة الفاشلين فإلى أن تحين انتخابات شريفة يحق فيها كل مواطن إدلاء صوته صبرا على الجوع، صبرا على إنفلات الأمن لأن الحكومة مشغولة بالإتنخابات المرتقبة ووضع تمثيلات مماثلة لتمثيلية مدينة جوهر، فاستمتعوا بمشاهدتها في الأيام المقبلة.
بقلم / محمد عبد الرحمن
كاتب ومؤرخ صومالي
تعليقات الفيسبوك