بعد ثلاثة عقود نجحت الجامعة الوطنية الصومالية أخيرا في تخريج أول دفعة من كلية الإعلام لرفد قطاع الصحافة بمزيد من المتخصصين.
وأصبحت ممارسة العمل الصحفي في الصومال غير مرتبطة بالحصول على دراسة متخصصة بسبب الظروف التي عاشتها البلاد خلال العقود الماضية من أزمات سياسية وأمنية، ما حرم العاملين في الصحافة من تعزيز معرفتهم وتطوير مهاراتهم الإعلامية.
وتخرج 45 صحفيا، من بينهم 19 صحفية، وحظي المتخرجون بفرصة العمل في الإعلام الرسمي لمدة عام على الأقل لكسب المهارات اللازمة في سوق العمل وخوض تجارب عملية تفيدهم في الحصول على فرص عمل في وسائل الإعلام المحلية والدولية.
والجامعة الوطنية الصومالية هي الجامعة الحكومية الوحيدة في البلاد، وأعيد افتتاحها في عام 2014 بعد إغلاق استمر نحو 23 عاما، وأعيد افتتاح كلية الإعلام عام 2017 وتخرجت الدفعة الأولى هذا العام.
عميد كلية الإعلام في الجامعة، ناغيي علي خليف، تحدث عن أهمية تخريج متخصصين في مجال الإعلام، وقال: “إننا سعيدون لتخريج أول دفعة بعد ثلاثة عقود من انهيار النظام التعليمي في الصومال، وكانت الجامعات والمدارس الحكومية ضحية انهيار الحكومة المركزية وانزلاق البلاد إلى ظروف صعبة”.
وتابع عميد كلية الإعلام: “في عام 2017 فكرنا في افتتاح كلية الإعلام وحظيت بإقبال شديد من العاملين والمهتمين بهذا المجال، وكنا نهدف إلى تعزيز جهود إعادة بناء الدولة الصومالية وتطوير ثقافة المساءلة، وكذلك تعزيز الممارسة الديمقراطية”.
وقال ناغيي إن إدارة كلية الإعلام سعت إلى تطوير خبرات منتسبيها عبر بناء شراكات مع وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية لاكتساب تجارب تمكنهم من العمل بشكل مباشر بعد التخرج.
وأضاف أن وزارة الإعلام وفرت فرص عمل لـ20 متخرجا كانوا يعملون معها بشكل تطوعي خلال فترة دراستهم، لافتا إلى أن الإدارة أعطت أهمية كبيرة لجذب الصحفيين الصوماليين المخضرمين إلى الكلية لنقل تجاربهم إلى الجيل اليافع، خاصة هؤلاء الذين يعملون في وسائل الإعلام الدولية.
وكشف ناغيي أن هناك أربع دفعات أخرى تواصل الدراسة ويزيد عددهم على 100 طالب وطالبة، معربا عن أمله في تقديم إضافة نوعية إلى الصحافة الصومالية وتوفير تعليم أكاديمي جراء الاستقرار النسبي الذي يشهده الصومال.
وأكد عميد كلية الإعلام أن المتخرجين يتمتعون بمهارات صحفية تمكنهم من أن يكونوا إضافة للإعلام الصومالي، كما أن لديهم مهارات التكيف مع تكنولوجيا الاتصال.
وقالت صفا عبدالرحمن، إحدى الخريجات “أنا سعيدة جدا بأن أكون ضمن هذه المجموعة الخاصة، وفخورة بأني حصّلت تعليماً أكاديمياً حكومياً حيث لم يحظ الكثيرون بمثل هذه الفرصة، وسأخدم بلادي بجد”.
ويقول علي غيدي، أحد الخريجين “أنا مسرور بهذه الفرصة، وسأعمل على المساهمة في تحسين ظروف البلاد عبر الإعلام، وسأطبق ما تعلمته من سلوكيات العمل الصحفي وأدبياته. أشعر بمسؤولية كبيرة”.
ويعمل الصحفيون في الصومال في ظل ظروف أمنية وسياسية واقتصادية صعبة، ويعد الصومال من أخطر أماكن ممارسة مهنة الصحافة في العالم، ولازالت تحتفظ بصدارة الدول الأكثر خطرا على الصحفيين، وفق تقرير لنقابة الصحفيين الصوماليين صدر الشهر الجاري.
وأشار التقرير الذي نشر في 10 يناير/ كانون الثاني الجاري إلى مقتل صحفيين اثنين والاعتداء على 65 صحفيا خلال العام الماضي، لافتا إلى أن أشكال العنف المختلفة ضد الصحفيين ازدادت بشكل ملحوظ في 2021، نتيجة ثقافة الإفلات من العقاب السائدة لمرتكبي الجرائم ضد الصحفيين.
وتوزعت الانتهاكات ما بين اعتداءات جسدية والتخويف والمضايقات والتسلط عبر الإنترنت، وأجبر ذلك الصحفيين على الرقابة الذاتية أو ترك المهنة للبقاء بشكل آمن في الصومال.
وشهد حصاد الانتهاكات ضد الصحفيين في الصومال في عام 2021 مقتل صحفيين اثنين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة، أما الانتهاكات التعسفية مثل التهديد بالقتل وكسر المعدات والاعتقال فقد بلغت 65 حالة إضافة إلى مداهمة مكاتب 7 وسائل إعلامية.
تعليقات الفيسبوك