مقدمة:
كان من أهم المهام للهيئات الدستورية الحالية في 2012، توصيل الوطن إلى انتخابات عامة يشارك فيها الشعب، لتكون أساسا لأول حكومة تثمل رغبة الشعب وتطلعاته السياسية، بعد عشرات الحكومات التي كانت تأتي بشكل محاصصات قبلية لا تمت بصلة إلى رغبة الشعب، هذه المهمة هي ما عرف برؤية 2016.
خلال السنوات الأربعة بذلت جهود كثيرة، وعقدت عشرات المؤتمرات، وتم تعبيئة الشعبة في تحقيق طموحاته ورغباته في 2016، وأن لا محالة في تحقيق مشاركة شعبية وفق انتخابات عامة، كلها في مؤتمرات منتدى التشاور الوطني التي ازدادت كلما اقتربنا من الموعد المحدد للانتخابات.
بعد القرار المشئوم الذي اتخدته الهيئات الدستورية الحالية باستحالة عقد انتخابات عامة في 2016، وأنهت به آمال الشعب في المشاركة السياسية العادلة، برزت للساحة السياسية الصومالية فكرتان مختلفتانن لتكونا أساسا في اختيار أعضاء البرلمان المقبل، وبديلا عن انتخابات صوت واحد لفرد واحد.
تمركزت الفكرة الأولى بأن يتم اخيتار أعضاء البرلمان الفيدرالي المقبل على أساس قاعدة 4.5 القبلي، لأنها القاعدة المعمول بها حاليا في البرلمان القائم، وهي القاعدة الوحيدة المتفق عليها رغم وجود انتقادات وشكاوي في عدم عدالتها.
وتؤيد الفكرة الثانية بأن يتم توزيع أعضاء البرلمان المقبل وفق المديريات التي تكون بها البلد قبل 1991، حتى نتجاوز عن المحاصصة القبلية ونقترب إلى العدالة السياسية، إلا أن هذه الفكرة تلقت معارضة شديدة من قبل بعض القبائل التي رأت على أنها غير عادلة، وأنها تجسد توزيعا غير عادل لا يرتكز على كثرة السكان، حيث من الممكن بأن تفقد بعض المدن المكتظة سكانيا نوابا يمثلونها في البرلمان، بينما تجد بعض المديريات محدودي السكان عددا من النواب يمثلونها في البرلمان الفيدرالي.
إلى هنا وصل قطار منتدى التشاور أخيرا:
بعد ستة شهور من المشاورات والمفاوضات حول نوعية الانتخابات الممكنة في نهاية هذا العام، لتجاوز الوضع السياسي الراهن، والانتقال إلى الفترة الثانية من الحكم السياسي الصومالي.
وإثر إعلان رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد في مناسبة اختتام مؤتمر كسمايو بأن الحكومة الفيدرالية ستحدد موعد ومكان مؤتمر الإكمال، عقدت الحكومة الفيدرالي في القصر الرئاسي بمقديشو اجتماعا استمر يومين بمشاركة رؤساء الولايات ، ومسئولي المؤسسات الفيدرالية، ووفودا من المجمتع الدولي.
أعلنت الحكومة الفيدرالي بأن رؤية 2016 ستكون كالتالي:
1- يتكون مجلس الشعب من 275 نائبا
2- يأتي نواب هذا المجلس على أساس قاعدة 4.5
3- يحصل النساء 30% من نواب البرلمان
4- تجري الانتخابات في عواصم الولايات.
أما المجلس الأعلى للبرلمان الفيدرالي فسيكون كالتالي:
1- يتكون أعضاؤه من 54 نائبا.
2- 48 مقعدا سيتم توزيعها بشكل متساو على الولايات القائمة حاليا، والتي ستشكل. أي ما يعني تخصيص 8 مقاعد لكل من الولايات : جوبالاند، جنوب غرب الصومال، شبيلى وهيران، جلمدغ، بونتلاند، وصوماللاند.
3- كما سيتم توزيع النواب الستة المتبقية على بونتلاند وصوماللاند بشكل متساو، لنضجهما السياسي وعدد محافظاتهما.
4- سيُنتخب نواب هذا المجلس من برلمانات الولايات، قبل تكوين مجلس الشعب (المجلس الأدنى).
هذا ما آلت إليه رؤية 2016، ونهاية قطار منتدى التشاور الوطني، ونتيجة مسيرة السنوات الأربعة، ورغم كثرة التكلفة في هذه الرحلة، وطول فترتها، إلا أنها أعادت البرلمان الحالي كما هو، أي يأتي نوابه كما أتوا سابقا وربما يعودون أغلبيتهم لأنهم يعرفون هذه الطريفة ولديهم ما يكفي من النقود.
ولكن الشيء الوحيد الجديد في رؤية 2016 هو تكوين المجلس الأعلى الذي حدد الدستور الفيدارلي تشكيله خلال فترة الرئيس حسن شيخ محمود، مكونا من 54 نائبا، يتم توزيعهم بشكل متساو على الولايات التي تتكون فيها الدولة الفيدرالية.
رودود الأفعال تجاه الرؤية:
1- معارضة منتدى الوحدة والديمقراطية برئاسة عبد الولي شيخ أحمد – رئيس الوزراء السابق- وهو أكبر كيان سياسي معارض حيث يتكون من عشرات الأحزاب ونواب من البرلمان، ووزراء سابقين، وسياسيين مستقلين.
عارض المنتدى الرؤية التي قدمته الحكومة الفيدرالية على لسان رئيسها موضحا بأن التشاور كان محصورا لعدد قليل، وأن نتيجته لا تمثل ما حدده الدستور الفيدرالي المؤقت.
وقد قدم المنتدى سابقا رؤيته حول 2016، معلنا بإمكانية عقد انتخابات عامة في عواصم الولايات والمدن المستقرة أمنيا، وفي المنفى، على أساس التعددية الحزبية، إلا أن هذه الفكرة لم تجد قبولا من الحكومة الفيدرالية التي أعلنت عدم امكانية اجراء انتخابات عامة في 2016.
2- معارضة بونتلاند: عشية انتهاء المؤتمر في القصر الرئاسي بمقديشو، عقد رئيس بونتلاند مؤتمرا صحفيا أوضح فيه معارضة ولايته نتيجة المؤتمر، مشيرا إلى أنه كان قرارا من الحكومة الفيدرالي أيده المجتمع الدولي.
3- ترحيب المجتمع الدولي بنتيجة المؤتمر: في بيان صدر من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أيدت المنظمة نتيجة المؤتمر و اتفاق رؤساء الولايات والحكومة الفيدرالية على كيفية اختيار نواب البرلمان الصومالي الجديد في 2016، كمار رحب مكتب الأمين العام بحصول النساء من نواب البرلمان المقبل على 30% من مقاعده.
ملاحظات حول نتيجة المؤتمر:
الجديد في مقررات مؤتمر التشاور هو تشكيل المجلس الأعلى للبرلمان الفيدرالي قبل مجلس الشعب، وتوزيع نوابه على أساس يخالف ما حددته الفقرة الثانية من المادة الـ 72 من الدستور الفيدرالي الانتقالي التي تنص: ” للولايات المنتمية إلى الدولة الفيدرالية مقاعد متساوية في المجلس الأعلى للبرلمان الفيدرالي”، حيث حدد لولايتي صوماللاند وبونتلاند ثلاث مقاعد إضافية للمجلس الأعلى إذ يحصلان على 11 مقعدا من المجلس، بينما تحصل كل من الولايات الأخرى ثمانية مقاعد من المجلس.
لم يحدد مقاعد في المجلس الأعلى للبرلمان الفيدرالي المقبل للعاصمة مقديشو في مقررات مؤتمر التشاور، مع أن العاصمة يقطن فيها أكبر عدد سكاني في البلد، مقارنة بالمدن الأخرى.
في المادة التاسعة من الدستور الفيدرالي المؤقت تنص على أن مقام أو وضع العاصمة سيحدد في التعديل الدستوري المقبل، وبقانون يصدره البرلمان الفيدرالي بمجلسيه الأعلى والأدنى، إلا أنه لم يتم بعد إصدار هذا القانون ولم يحدد وضع العاصمة، وبهذا تُرك بدون مقاعد برلمانية في المجلس الأعلى المقبل.
وختاما:
إن مهام الحكومة الفيدرالية كانت تحقيق رؤية 2016 المتمثلة في اجراء انتخابات عامة في ربوع الوطن، متبعة خارطة الطريق التي توضح ذلك، وهي تشكيل كل المجالس واللجان التي حددها الدستور، وتكوين الولايات المنتمية إلى الدولة الفيدرالية في بداية عمر الحكومة، وهو ما لم يتحقق، حيث كان من المفترض أن يتم تشكيل الولايات في بداية الفترة وليس في نهايتها كما هو الآن، وبعد تشكيل الولايات يتم تشكيل المجلس الأعلى الذي يمثل هذه الولايات.
ولكن فترة الرئيس ستنتهي بدون تشكيل المجلس الأعلى للبرلمان الفيدرالي، والمحكمة الدستورية، وعدم تحديد وضع العاصمة في النظام الفيدرالي الصومالي، وبدون اجراء انتخابات عامة في 2016، وهي من أكبر مهام الهيئات الدستورية القائمة ما يوضح مدى فشلهم في تحقيق مهامهم.
سينتظر الشعب الصومالي في السنوات الأربعة القادمة تحقيق ما لم تحققه الحكومة الفيدرالية في السنوات الأربعة الماضية، ما يعني بداية رحلة طويلة تحتاج إلى من يقود الأمة نحو التطور والاستقرار.
بقلم/ عبد القادر محمد شيخ عبد الله (شيء لله)
تعليقات الفيسبوك