١- رأيت بعض العلماء يثورون حين يسمعون أن سيدة صومالية ترغب أن تترشح لقيادة الوطن ، ولكنهم لا يغضبون أبدا حين يَرَوْن أن الوطن محتل من قبل الأعداء ، وأن حدوده مفتوحة للجميع ، وأن لا سيادة لهذا الوطن بين الأمم والشعوب ، فهذه من علامات غرائب الزمان ، وعجائب الدنيا .
٢- رأيت بعض العلماء يرفضون تولي المرأة المناصب العليا للدولة ، ولكنهم لا يرفضون تولي الفسقة للمناصب العليا ، فهل الفسق أقل خطورة من الأنوثة ، ولماذا يخطط لنا الغرب مجالات الصراع ؟ فهل علماؤنا متخصصون في الرد ؟ لماذا لا يعدون مشروعا إسلاميا يجيب عن التساؤلات بعيدا عن الإنفعال ؟ فهذه كذلك من علامات غرائب الزمان ، وعجائب الدنيا .
٣- رأيت بعض العلماء يحصرون قضية المرأة في جسدها ، وعمل المرأة في بيتها ، وهذا ليس صحيحا ، ولكن فيه نوع من الصحة ، المرأة إنسان لها جسد كالرجل ، ولكن ليست كلها جسدا ، فتدينها ليس محصورا في الحجاب ، كما إن تدين الرجل ليس محصورا في اللحية ، ولكن خطاب العلماء المرتبط بالمرأة لا يتجاوز عتبة الجسد ، وهذا من غرائب الزمان ، وعجائب الدنيا .
٤- رأيت بعض العلماء يخافون من قضية تحرير المرأة حتي باسم المشروع الإسلامي والوطني ، وكأنهم يريدون امرأة بلا فكرة ، لا تملك دورا في الحياة ، تدور مع زوجها حيث دار ، وهذا ليس هو الإسلام الذي قرأناه في كتاب ربنا ، فامرأة فرعون خالفت زوجها الكافر ، وامراة لوط عاندت زوجها النبي ، فليست المرأة دوما تابعة ، بل لها أن تقرر مسارها ومصيرها ، ولكن بعض الخطاب مشكلة ، وهذا أيضا من غرائب الزمان ، وعجائب الدنيا .
٥- رأيت بعض العلماء يجعلون المرأة متاعا للرجل ، والمتاع هو الشيء الذي يملكه الانسان للإستمتاع ، وهذا حصل كنتيجة من فهم مغلوط لحديث نبوي رائع ، يتناول جمال العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة ، فقال : الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ، ومنه نفهم من باب الموافقة ، الدنيا متاع ، وخير متاعها الرجل الصالح ، ولكن البعض يتناولون الدين من خلال قراءة ذكوريّة مغلوطة فيعلنون شيئية المرأة ، وهذا من عجايب الدنيا ، وغرائب الزمان .
٦- رأيت بعض العلماء يجعلون دور المرأة ( حضانة أبدية ) ، ويجعلون دور الرجل ( قيادة أبدية ) ، ولكن هل المرأة الفقيهة المتخصصة أدني مرتبة من الرجل الأمي ؟ هل الرجل يكتسب دوره في الحياة من ذكوريته حتي ولو كان جاهلا ؟ لماذا يعلن بعض العلماء الحرب علي المرأة ؟ أين خطاب الدعوة في دورها السياسي والاجتماعي ؟ أين خطاب الدعوة في دور المرأة في مطالبة حقوقها ؟ أليس هذا الصمت دليلا علي أننا بذكوريتنا نحرم المرأة حقها الطبيعي في الحياة ؟ وهذا دليل آخر علي وجود غرائب وعجائب في حياتنا وزمننا !
٧- رأيت بعض العلماء يفتون بأن المرأة لا تزور والدها إدا منعها ذلك زوجها ، ولكنهم يقولون كوعظ وإرشاد ، ليس من الأدب أن يمنعها ، ولكنهم لا يقولون شيئا ماذا لو رفضت كحق لها في زيارة والدها طاعته في ذلك ، فهل بهذا وقعت في المعصية ؟
لدينا خطاب ديني غير متوازن ، أين الاسلام الذي جاء للجنسين معا ؟ ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن ) لماذا يبدو البيت المسلم في الخطاب الدعوي حبسا وسجنا ؟ لماذا لا نعلن التفاهم الأُسَري بدل البيت الذي يبدو من خلال خطاب بعض الدعاة معسكرا ؟ لماذا نسمع دوما لوائح داخلية تتحدث في غالبها بلغة الأوامر العسكرية؟ يجب علي المرأة أن لا تخرج من البيت ، ويجب عليها أن تستجيب لغرائز الرجل فورا ، ويجب أن لا تصوم إلا بإذنه ، وغيرها من الأوامر العسكرية ، وكل هذا صحيح ، ولكنها تأتي من بعض العلماء بلغة عسكرية جافة ، ولهذا قلت ، وما زلت أقول ، نحن في زمن الغرائب ، وفي دنيا العجائب .
٨- الغرب يريد ترجيل المرأة ، وبعض العلماء يحاولون تأثيث المرأة ، وخطاب العدل بينهما ، فلا المرأة تكون رجلا ، لأن الله أراد أن تكون أنثي لتكمل الرجل ، وأراد الله أن يكون الذكر رجلا ليكمل المرأة ، ولكني في متابعتي الأخيرة للثقافة الأنثوية المعاصرة لاحظت فيها اعتداء علي طبيعة المرأة ، ولهذا رفضت دعوات الأنثويين في تحرير المرأة ، فليسوا من أهل التحرير ، ورفضت كذلك خطاب بعض العلماء الذين ينطلقون من عادات الشعوب وتقاليدها ، ويجاهدون في تأثيثها وتشيؤها ، فيجعلون المرأة التي خلقها الله لعبادته شيئا من أشياء الرجل ، يستمتع بها ، ولهذا لم أقبل التعريف الذي قال عن الزواج ، أنه عقد يبيح للرجل وطء المرأة الأجنبية ، فهذا ليس صحيحا ، لأن الزواج لا بكون عقدا إلا أدا كان بين طرفين أساسيين ، وهما الزوج ، والزوجة ، وبه يحل لكل واحد منهما الإستمتاع بالآخر .
٩- رأيت بعض الرجال يحبون المرأة ذات الشخصية الضعيفة ، والتي لا ترد عليهم ولو كلمة ، فهم من خلال ما سمعوا من بعض العلماء ببعض المواصفات ، والتي تنحصر في غالبها بالطاعة وعدم الرفض لأوامر الزوج ، ومن هنا يرغب البعض من الرجال أن يتزوج الصغيرة حتي ولو كان العمر بينه وبينها عقدين من الزمان دون أن يشعر ما ينتج من هذا الفارق العمري من المعاناة .
نحن نريد المرأة القوية التي تطيع زوجها بالمعروف ، وتفارقه بالمعروف إن رأت منه ما يجافي طبعها ، وهذا ما فعلت به السيدة الفاضلة من الصحابيات ، امرأة ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنهما حيث قالت : لا أعيب عليه في دين وفي خلق ، ولكن أكره الكفر في الإسلام .
هذه سيدة قوية لديها شخصية قوية ، ولكنها لم تخف ما في نفسها من بغض لزوجها ، ولم يطالب الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم أن تخالف فطرتها ، فقال لها : أتريدين حديقته ؟ فقالت بكل صراحة : نعم .
المرأة الحديدية ( خديجة ) عاشت مع الرسول صلي الله عليه وسلم ، وكانت أول المؤمنين به ، وواستها بمالها ، وعقلها ، ولم يتزوج معها أبدا في حياتها ، لأنها أشبعتهَ روحيا وفكريا ، فكانت وزيرته وسيدة حياته ، ولهذا يقي معها وفيا أثناء حياته ، فلم يتزوج عليها ، وبقي وفيا بعد موتها حيث كان يبر كثيرا لصديقاتها ، وتزوج بعدئذ السيدة الحديدية الثانية عائشة رضي الله عنها ، وهي التي روت منه العلم الوفير ، والروايات الكثيرة ، وخاصمت الرجال في حياته ، وبعد موته ، فلم تكن سيدة لا شأن لها في حياة المسلمين ، بل نزلت لتقود جيشا ضد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، وهذا يدل علي أن نساء النبي لسن كسائر النساء ، ولا كسائر الرجال .
١٠- قال النبي الأكرم صلي الله عليه وسلم : استوصوا بالنساء خيرا ، أين نصيب النساء من خطاب الدعاة اليوم سوي اللوائح الداخلية التي جعلت البيت المسلم حبسا ؟ أين الرحمة والمودة والسكن ؟
لماذا بنجح الغرب في صناعة الزعامات النسوية ؟ ويفشل المسلمون في صناعة الزعامات المسلمة ؟ هل نحن نخاف أن نعيد للحياة مرة ثانية قيادات نسوية كخذيجة في فهمها للدين ، ونضالها للرسالة ؟ هل نحن نخاف أن نري في حياتنا زعيمة مسلمة كملكة سبأ التي قادت قومها نحو الإيمان ؟ هل نحن نخاف أن نري في حياتنا سيدة حديدية مثل تاتشر البريطانية ، وجولدامائير اليهودية ؟
قال النبي الأكرم صلي الله عليه وسلم : إنما النساء شقائق الرجال ، فلا تكون الحياة رائعة إلا بوجود الرجال والنساء معا في أجواء مفعمة بالحيوية والإيمان ، فلا بد من المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات ، والقانتين والقانتات .
لا شك في أن المرأة تمثل فتنة للرجال ، ولكن الرجال كذلك يمثل فتنة للنساء ، وهكذا أراد الله للحياة ، فهي فتنة أبدية ، وسيبقي الرجال فتنة للنساء ، وستبقي النساء فتنة للرجال ، والحل لن يكون في إبعاد النساء عن الحياة ، ولكنه يتمثل في تطبيق الدين من الجنسين معا .
نحن بحاجة إلي مراجعة خطاب بعض الدعاة ، وما أحسن أن نقرأ في هذه الأيام كتاب ( أبوشقة ) رحمه الله في مجلداته الستة ( تحرير المرأة في عصر الرسالة ) ، وهو من أفضل ما كتب في هذا المجال كما قال العلامة القرضاوي ، وقال عنه الشيخ محمد الغزالي : وددت لو ظهر هذا الكتاب قبل قرون ، انه سفر ضخم ، وليس رسالة متوسطة الحجم ، وهو كذلك قراءة عميقة لنصوص الكتاب العزيز ، ونصوص الأحاديث الصحيحة ، وخاصة صحيحي البخاري ومسلم ، فهذه القراءة العميقة تدفع عنا البلادة الفكرية ، والعطالة العقلية .
لست من هواة المرأة المترجلة ، ولكني كذلك لست من مساندي تأثيث المرأة وتشيؤها ، فأنا من المناضلين باسم الدين أن تتحرر المرأة من القيود البشرية والظالمة ، فهي إنسان كرمها الله ، وليست تابعة لأحد ، فهي وحدها كالرجل تقرر مصيرها ، ولكن عجائب الدنيا ، وغرائب الزمان يجعل البعض لا يرغب هذا المذهب .

تعليقات الفيسبوك

تعليقات الموقع

  1. عبدالقادر دلمر
    رد

    النصوص الشرعيه ليس الأوامر العسكرية وانما الأوامر الله , وانااوفق الشيخ علي ان بعض دعاة يغلب جانب عاطف كما ان البعض متجاهل النصوص الشرعيه الممنوعة التبرج والاختلاط.

    • someone
      رد

      إذا فرضت عليك لوائح طويلة من الواجبات على شكل أوامر مع إهمال ذكر حقوقك فما الفرق بينها وين الأوامر العكسرية؟
      ألم يكن من الأولى أن تذكر أهمية المودة والرحمة وأسس بناء العلاقات القوية وتبيان دور كل فرد بلا إفراط ولا تفريط؟!
      ولا ننسى عدم ذكر بعض الدعاة إلا ” أوامر الله” التي تماشي طبعهم وما يريدون عوضاً عن المحاولات المستميتة لجعل المرأة منقادة كلياً وتابعة للرجل وتغليفها بالدين وهذا والله ليس من الإسلام في شيء.

      لا توجد تبعية في الإسلام الرجل والمرأة يكملان بعضهما على الدعاة أن يفهموا هذه النقطة قبل الصعود للمنابر.

  2. ما هر
    رد

    رسالتك لا تمثل عن الاسلام والمسلمين بل اتباع وعمل للغرب بأفكارهم ومستنداتهم
    من طعن العلماء المسلمين فقد طعن الدين

    • someone
      رد

      أولاً: “الإسلام ” ليس محصوراً في رأي واجتهادات العلماء التي ممكن أن يخطئووا أو يصيبوا فيها،
      العلماء لهم كل الاحترام ولكن لا قداسة ولا تبجيل.
      ثانياً: الكاتب انتقد الخطاب الدعوي السائد وتحميل أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما ليس فيها وتشييئ المرأة وغيرها مما حررها الإسلام منه.
      ثالثاً: لا يحق لك بأن تتكلم باسم المسلمين تكلم عن نفسك فللناس ألسن.
      ملاحظة: الانتقاد لا يساوي الطعن.
      حكم عقلك واقراً بتمعن أخي الكريم…

‎أترك تعليق ل ما هر الغاء الرد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.