الصوماليون تاريخياً استخدموا نوعين من التقويمات أحدها القمري و هذا تبعاً للعالم الإسلامي لتقديرمواعيد المناسبات الدينية والآخر تقويم شمسي قديم يرجع تاريخه إلى 2500 سنة تقريباً وربما أقدم من ذلك التاريخ. تم استخدام هذا التقويم الشمسي لأغراض مثل التنبؤ بحالة الطقس و السفر البحري و تحديد فصول السنة المختلفة. سنركز في هذا المقال على السنة الشمسية الصومالية أو التقويم الصومالي و الذي لا يعرف الكثير عنه أي شئ يذكر.

dabshid

رغم عدم معرفة الكثيرين بهذا التقويم إلا أنه يعتبر واحداً من أكثر التقويمات دقة وكما أشرنا فهو يسبق التاريخ الميلادي السائد و المعروف بمئات السنين على الأقل. الصوماليون القدماء كانوا يمارسون حرفة الرعي و الزراعة و أيضا بعض الممارسات التجارية مع الأمم الأخرى كالفراعنة و الإغريق و غيرهم، حيث كانوا يتبادلون البضائع المختلفة وقد ساهمت احتياجات التجارة و الزراعة و الرعي إلى تشكيل هذا النظام الشمسي.

السنة الصومالية هي سنة استوائية في الحقيقة و تعتمد على الفصول الأربعة و الدورات الاسبوعية اعتماداً على الشمس فتتكون من أربعة فصول، 12 شهر، 52 اسبوعاً بالإضافة ليوم واحد، أو 365 يوماً. رأس السنة الصومالية يسمى طَب-شد (Dabshid) بمعنى اشعال النار و يسمى أيضاً بالنيروش (Neeroosh) وهذا اليوم يقع تقريبا في ال 20 من يوليو مقارنة بالسنة الميلادية. و هناك عدة دورات اسبوعية و سنوية يقوم على اساسها التقويم الصومالي و كلها ترتكز على الرقم (7).

نظرة عامة على قواعد السنة الصومالية:

بالإضافة إلى الاسبوع الذي يتكون من سبعة أيام هناك أربعة دورات رئيسية في هذا النظام:

أولاً: دورة الخمسين يوم: عبارة عن 7 أسابيع بالإضافة ليوم واحد.

ثانياً: الدورة السنوية: 7*50 + 15 يوم

ثالثاً: دورة ال 7 سنين: 7*365 = 2555 يوم

رابعاً: دورة 49 سنة: 7*7 = 17886 يوم

كل هذه الدورات و الوحدات الوقتية تتشارك في الرقم 7 بناء على أيام الاسبوع السبعة. وكل سنة من هذه السنوات تسمى على اسم اليوم الأول لتلك السنة و هي أيضا آخر يوم في دورة الخمسين يوم و الدورة السنوية. على سبيل المثال في عام 2007م أول يوم للسنة الصومالية وافق يوم السبت 21 يوليو 2007م ، فتكون دورة الخمسين يوم من يوم السبت 21 يوليو 2007م إلى يوم السبت 8 سبتمبر 2007م أما الدورة السنوية فتبدأ من يوم السبت 21 يوليو 2007م و تنتهي في يوم السبت الموافق 19 يوليو 2008م.

إذا أخذنا سنة السبت كمثال والتي بدأت 21 يوليو 2007م فأول 50 يوم من هذه السنة تسمى فترة السبت و ثاني 50 يوم تسمى فترة الأحد و هكذا تتبع بقية الفترات ترتيب أيام الاسبوع السبعة فيكون مجموع هذه الفترات 350 يوماً أو 50 اسبوعاً. لذلك يتم إضافة اسبوعين ويوم (15 يوم) لتنظيم السنة فيصبح المجموع 365 يوم.

و كطريقة لتقسيم السنة بالإمكان استخدام طريقة الفترات التي شرحناها سابقا (دورة الخمسين) كما هو موضح بالجدول المرفق الشارح لعام السبت في 2007-2008م. وهناك طريقة أخرى لحساب السنة عن طريق فصول السنة الأربعة و هناك 3 أشهر لكل فصل ، الفصل الأول هو فصل الصيف يسمى حاقا(Xagaa) باللغة الصومالية و هو عبارة عن 91 يوم أو 13 اسبوع. ثم يليه الخريف ويسمى دير (Dayr) بالصومالي ويليه فصل الشتاء المعروف بديراع (Diraac) و كلاهما بنفس عدد أيام و أسابيع فصل الصيف. أما فصل الربيع ويسمى قو (Gu’) بالصومالي فهو عبارة عن 92 يوماً أو 13 اسبوعاً زائداً يوم. بالمحصلة السنة عبارة عن 12 شهر سبعة منها أيامها 30 و خمسة منها 31 يوماً. ويعرف فصلا حاقا(Xagaa) و ديراع (Diraac) بلفظة جيلال (Jiilaal) وهي فترة الجفاف التي لا تهطل فيها الأمطار. بينما يعرف الفصلان الآخران دير (Dayr) و قو (Gu’) بلفظة نور (Nur) وهما فصل هطول الأمطار.

الفصول أيضا تقسم إلى فترات أقل من 10-20 يوم اعتماداً على تغير الأجواء و هطول الأمطار وبالإمكان الاطلاع على أسماء الأشهر الصومالية مقارنة بتوافقها مع الميلادي في الجدول المرفق لهذا المقال.

دورة ال 7 سنين:

دورة السبع سنين تسمى بأيام الاسبوع فإذا بدأت أحد السنين بيوم الاثنين مثلاً فلا تعود سنة الاثنين إلا بعد سبع سنوات. مثلاً بداية السنة الصومالية من عام 2002-2009 كانت كالتالي:

سنة الاثنين (22 يوليو 2002)

سنة الثلاثاء (22 يوليو 2003)

سنة الأربعاء (21 يوليو 2004)

سنة الخميس (21 يوليو 2005)

سنة الجمعة (21 يوليو 2006)

سنة السبت (21 يوليو 2007)

سنة الأحد (20 يوليو 2008)

سنة الاثنين (20 يوليو 2009)

دورة ال 49 سنة:

هذه الدورة تعتبر امتداد لدورة السبع سنين و لا تستخدم إلا نادراً مثل السؤال عن مناسبات عبر الأجيال أو مثلا أن يسأل رجل كبير في السن عن عمره، فقد يقول لك عمري 11 خميس فيكون الحساب كالتالي: الخميس لا يتكرر إلا كل سبع سنوات فالحساب 11*7 = 77 سنة ..بالإضافة إلى أننا الآن في سنة الاثنين فنحسب فرق الأيام من الخميس إلى الاثنين .. الفرق ثلاث أيام أي ثلاثة سنوات إضافية فيصبح عمره = 77+3= 80 سنة. أو حينما يتحدثون عن أحداث تاريخية كحفر إبر أو حرب حدثت منذ كذا خميس أو كذا جمعة و هكذا.

العادات المصاحبة لرأس السنة الصومالية:

تقام الاحتفالات سنوياً في شهر يوليو في يوم النيروش أو طَب- شد (Dabshid) احتفائاً ببداية السنة الشمسية الصومالية. و كان يقام مهرجان يعرف بمهرجان النار، حيث كان السكان يشعلون نار عظيمة ويرشون الماء على بعضهم البعض و الرقص للترحيب ببداية السنة و فصل الصيف. وهي من أكثر المناسبات المرحة وكان يحضرها الصغار و الكبار.

ربما تعود هذه الاحتفالات إلى العصر الذي كان يؤمن فيه الصوماليون بإله السماء واق (Waaq) واستمرت بعض هذه العادات حتى بعد الدخول في الاسلام. فكانت كل عائلة تشعل النار ومن ثم يقفز كل فرد فوق تلك النار للإنتقال إلى السنة الجديدة. و الذي لا يقفز فوق النار معناته أنه لن يكون مباركاً في السنة الجديدة وقد تراجعت مثل هذه المعتقدات شيئاً فشيئاً بعد دخول الاسلام.

الاحتفال برأس السنة الصومالية لم يختفي كلياً بعد الاسلام و مازلت بعض أهل البادية يحتفل باشعال النيران، وفي الجنوب الصومالي تطور مفهوم الاحتفال بداية من عصر مملكة أجوران ليتحول إلى ما يشبه المسابقات العسكرية والمعارك الوهمية بين عدة فرق بأسلحتها لتستعرض القبائل قوتها و اسلحتها.

خاتمة:

للأسف تاريخ بدء استخدام التقويم الصومالي غير معلوم على وجه الدقة لكنه قديم جداً قبل الميلاد و هذا بسبب انتقاله عبر التراث الشفوي لشعبنا دون تدوينه أو كتابته. لكن من الممكن تتبع نظام هذا التقويم و تطويره و إبرازه ليكون مميزاً للأمة الصومالية عن غيرها من الشعوب. كما على الرغم من توافق كثير من الشعوب على الاحتفال بالنيروز يوم 21 مارس إلا أنها تختلف في تفسيرها لسبب الاحتفال أو أصله حسب اختلاف المعتقدات.

فبينما يرتبط عيد النوروز لدى الأكراد بأسطورة كاوا – الحداد الكردي الذي قاد ثورة ضد الملك الظالم ضحاك وأشعل النار على أبراج قصره ابتهاجاً بالنصر لذلك تعتبر النار رمزاً لعيد النيروز، بينما في الفرس ارتبطت النار بالثقافة الزرادشتية و إيمانهم بأن الله خلق آدم و الشمس في هذا اليوم.

يبقى غير معروف تاريخ دخول احتفال النيروش على الثقافة الصومالية رغم البعد الجغرافي واختلاف تاريخ الاحتفال عن بقية شعوب وسط آسيا، فالأمر بحاجة لمزيد من الأبحاث للتوصل إلى حقيقة الموضوع و معرفة أوجه الشبه و الاختلاف مقارنة ببقية شعوب العالم القديم.

بقلم/ عوالى أحمد: 

تعليقات الفيسبوك

اضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.